كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال البخاري أيضًا في صحيحه: في أبواب العمرة: حدثنا أبو نعيم، حدثنا همام، حدثنا عطاء قال: حدثني صفوان بن يعلي بن أمية: يعني عن أبيه: «أن رجلًا أتى النَّبي صلى الله عليه وسلم، وهو بالجِعْرَانة، وعليه جبة، وعليه أثر الخلوق، أو قال صفوة، فقال: كيف تأمرني أن أصنعَ في عمرتي؟ فأنزل الله على النَّبي صلى الله عليه وسلم فستر بثوب وودت أني رأيت النَّبي صلى الله عليه وسلم، وقد أُنزل عليه الوحي فقال عمر: تعال أيسرك أن تنظر إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم، وقد أنزل الله الوحي؟ قلت: نعم، فرفع طرف الثوب، فنظرت إليه له غطيط: وأحسبه قال: كغطيط: وأحسبه قال: كغطيط البكر، فلما سري عنه قال: أين السائل عن العمرة: اخلعْ عنك الجبة، واغسل أثر الخلوق عنك، وأنق الصفرة واصنع في عمرتك كما تصنع في حجتك» اهـ منه. وقوله في هذا الحديث: «اخلع عنك الجبة واغسل أثر الخلوق وأنق الصفرة» صريح في أن غسل ذلك وإنقاءه من بدنه لأن ما في الجبة من الخلوق، والصفرة يزول بخلعها كما ترى.
وقال مسلم في صحيحه: حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا همام، حدثنا عطاء بن أبي رباح، عن صفوان بن يعلي بن أمية، عن أبيه رضي الله عنه قال «جاء رجلٌ إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة عليه جبة، وعليها خلوق أو قال: أثر صفرة. فقال: كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي؟ قال: وأُنزل على النَّبي صلى الله عليه وسلم الوحي، فستر بثوب وكان يعلى يقول: وددت أن أرى النَّبي صلى الله عليه وسلم، وقد نزل عليه الوحي قال فقال: أيسرك أن تنظر إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم، وقد أُنزل عليه الوحي؟ قال: فرفع عمر طرف الثوب، فنظرت إليه له غطيط قال: وأحسبه قال: كغطيط البكر. قال: فلما سري عنه قال: أين السائل عن العمرة: اغسل عنك أثر الصفرة أو قال أثر الخلوق واخلع عنك جبتك واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك».
وفي لفظ في صحيح مسلم عن يعلى قال: أتى النَّبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ، وهو بالجعرانة، وأنا عند النَّبي صلى الله عليه وسلم، وعليه مقطعات، يعني جبة، وهو متضمخ بالخلوق فقال: إني أحرمت بالعمرة، وعلي هذا، وأنا متضمخ بخلوق، فقال له النَّبي صلى الله عليه وسلم: «ما كنت صانعًا في حجك» قال: أنزع عني هذه الثياب، وأغسل عني هذا الخلوق فقال له النَّبي صلى الله عليه وسلم: «ما كنت صانعًا في حجك فاصنعه في عمرتك» وفي لفظ في صحيح مسلم، عن يعلى فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مراتٍ، وأما الجبة فانزعها ثم اصنع في عمرتك ما تصنع في حجتك» وفي لفظ في صحيح مسلم عن يعلى رضي الله عنه «أن رجلًا أتى النَّبي صلى الله عليه وسلم وهو الجعرانة قد أهل بالعمرة، وهو مصفر لحيته ورأسه، وعليه جبة، فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أحرمت بعمرة، وأنا كما ترى فقال: انزعْ عنك الجبة، واغسل عنك الصفرة، وما كنت صانعًا في حجك، فاصنعه في عمرتك» وفي لفظ في صحيح مسلم عن يعلى أيضًا قال «انزع عنك جبتك واغسل أثر الخلوق الذي بك. وافعل في عمرتك ما كنت فاعلًا في حجك» انتهى من صحيح مسلم.
قالوا: فهذه الروايات الصحيحة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم: فيها التصريح، بأن من تضمخ بالطيب قبل إحرامه لا يجوز له الدوام على ذلك، بل يجب غسله ثلاثًا، وإنقاؤه، ولا شك أن بعض الروايات الصحيحة التي أوردنا صريحة في ذلك.
وهذا هو حجة مالك ومن ذكرنا معه من أهل العلم في وجوب إزالة المحرم الطيب، الذي تلبس به قبل إحرامه.
وروى مالك في الموطأ، عن حميد بن قيس، عن عطاء بن أبي رباح «إن إعرابيًّا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بحُنين، وعلى الإعرابي قميص، وبه أثر صفرةٍ فقال: يا رسول الله إني أهللتُ بعمرة فكيف تأمرني أن أصنع؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: انزع قميصك، واغسلْ هذه الصفرة عنك وافعل في عمرتك ما تفعل في حجتك»اهـ.
والذين قالوا بهذا قالوا: يعتضد حديث يعلى المتفق عليه ببعض الآثار الواردة، عن بعض الصحابة رضي الله عنهم، كما أشرنا إليه غير بعيد، وقد روى مالك في الموطأ، عن نافع، عن أسلم مولى عمر بن الخطاب: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجد ريحَ طيبٍ، وهو بالشجرة، فقال: ممن ريح هذا الطيب، فقال معاوية بن أبي سفيان: مني يا أمير المؤمنين، فقال منك لعمر الله فقال معاوية: أن أم حبيبة طيبتني يا أمير المؤمنين، فقال عمر: عزمت عليك لترجعن فلتغسلنه.
وروى مالك في الموطأ عن الصلت بن زيد عن غير واحد من أهله: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وجد ريح طيبٍ وهو بالشجرة، وإلى جنبه كثير بن الصّلت، فقال عمر: ممن ريح هذا الطيب؟ فقال كثير: مني يا أمير المؤمنين، لبدت رأسي، وأردت ألا أحلق فقال عمر: فاذهب إلى شربة فادلك رأسك، حتى تنقيه، ففعل كثير بن الصلت. قال مالك: الشربة حفير تكون عند أصل النخلة. انتهى من الموطأ.
قالوا: ففعل هذا الخليفة الراشد في زمن خلافته مطابق لما تضمنه حديث يعلي بن أمية المتفق عليه، فتبين بذلك أنه غير منسوخ، وذكر الزرقاني في شرح الموطأ: أن عمر أنكر أيضًا ذلك على البراء بن عازب، وقال: إنه رواه ابن أبي شيبة عن بشير بن يسار، كما أنكر على معاوية وكثير المذكورين، قال: فهذا عمر قد أنكر على صحابيين، وتابعي كبير الطيب بمحضر الجمع الكثير من الناس صحابة وغيرهم، وما أنكر عليه منهم أحد، فهو من أقوى الأدلة على تأويل حديث عائشة، ثم ذكر عن وكيع، عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه: أن عثمان رأى رجلًا قد تطيب عند الإحرام، فأمره أن يغسل رأسه بطين. اهـ.
وقد ثبت في صحيح مسلم عن ابن عمر: أن محمد بن المنتشر سأله عن الرجل يتطيب، ثم يصبح محرمًا، فقال: «ما أحب أن أصبح محرمًا أنضخ طيبًا، لأن أطلى بقطران أحب إلى من أن أفعل ذلك».
هذا لفظ مسلم في صحيحه. وفيه بعده رد عائشة على ابن عمر كما سيأتي إن شاءَ الله تعالى.
فحديث يعلى المتفق عليه، والآثار التي ذكرنا عن بعض الصحابة، ومنها ما لم نذكره هو حجة مالك، ومن ذكرنا معه في منع التطيب قبل الإحرام، ووجوب غسله، وإنقائه إن فعل ذلك، ولا فدية فيه عندهم مطلقًا، وذكر بعضهم: أن المشهور عن مالك: الكراهة لا التحريم.
واحتج الجمهور القائلون باستحباب التطيب عند الإحرام بما رواه الشيخان وغيرهما، عن عائشة رضي الله عنها وبعض الآثار الدالة على ذلك، عن بعض الصحابة رضي الله عنهم. قال البخاري في صحيحه: حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها، زوج النَّبي صلى الله عليه وسلم قالت: «كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه، حين يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت». وفي صحيح البخاري: قيل هذا الحديث متصلًا به من طريق الأسود، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو محرم». وقد ذكرنا هذا الحديث في الكلام على التحلل الأول.
وقال البخاري رحمه الله في صحيحه: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، حدثنا عبد الرحمن بن القاسم: أنه سمع أباه وكان أفضل أهل زمانه يقول: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: «طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هاتين، حين أحرم، ولحله حين أحل، قبل أن يطوف، وبسطت يديها». اهـ منه.
وقال مسلم رحمه الله في صحيحه: حدثنا محمد بن عباد أخبرنا سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمِهِ، حين أحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت». وفي لفظ لمسلم عنها من طريق القاسم بن محمد قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، لحرمه حين أحرم، ولحله حين أحل، قبل أن يطوف بالبيت. وفي لفظ عند مسلم عنها قالت: «كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه، قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت». وفي لفظ عنها عند مسلم قالت: «طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي بذريرة في حجة الوداع، للحل والإحرام».
وفي النهاية الذريرة: نوع من الطيب مجموع من أخلاط. وقال السيوطي في تلخيصه للنهاية: وقيل هي فتات قصب، وقال النووي في شرح مسلم: هي فتات قصب طيب، يجاء به من الهند، وقد قدمنا في سورة الأنعام أن الذريرة قصب يجاء به من الهند كقصب النشاب أحمر يتداوى به.
وفي لفظ عند مسلم أيضًا، عن عروة قال: «سألت عائشة رضي الله عنها بأي شيء طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إحرامه؟ قالت: بأطيب الطيب» وفي لفظ: «بأطيب ما أقدر عليه، قبل أن يحرم، ثم يحرم». وفي لفظ: «بأطيب ما وجدت». وفي لفظ عنها قالت: «كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو محرم» وفي لفظ عنها قالت: «لكأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يهل». وفي لفظ: «وهو يلبي». والألفاظ المماثلة لهذا متعددة في صحيح مسلم عنها رضي الله عنها. وفي لفظ عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يحرمَ، يتطيب بأطيب ما يجد، ثم أرى وبيص الدهن في رأسه ولحيته». وفي لفظ عنها قالت: «كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يحرم، ويوم النحر، قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك». وفي صحيح مسلم: «أن عائشة لما بلغها قول ابن عمر المتقدم: لأن أطلى بقطران أحب إلى من أن أفعل ذلك، قالت: أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إحرامه، ثم طاف في نسائه، ثم أصبح محرمًا».اهـ. كل هذه الألفاظ في صحيح مسلم. قالوا فهذا الحديث التي اتفق عليه الشيخان، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، دليل صحيح صريح في مشروعية الطيب قبل الإحرام، وإن كان أثره باقيًّا بعد الإحرام، بل ولو بقي عينه وريحه، لأن رؤيتها وبيص الطيب في مفارقه صلى الله عليه وسلم، وهو محرم صريح في ذلك، قالوا: وقد وردت آثار عن بعض الصحابة بذلك، تدل على عدم خصوصية ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال صاحب نصب الراية: وقيل: إن ذلك من خواصه صلى الله عليه وسلم، وفيه نظر، فقد رئي ابن عباس محرمًا، وعلى رأسه مثل الرب من الغالية. وقال مسلم بن صبح: رأيت ابن الزبير، وهو محرم، وفي رأسه ولحيته من الطيب ما لو كان لرجل أعد منه رأس مال. انتهى منه.
فهذا الحديث، وهذه الآثار: حجة من قال: بالتطيب قبل الإحرام، ولو كان الطيب يبقى بعد الإحرام.
وإذا عرفت أقوال أهل العلم وحججهم في هذه المسألة فهذه مناقشة أقوالهم: اعلم أن المالكية، ومن وافقهم أجابوا عن حديث عائشة المذكور، بأجوبة:
منها: أنهم حملوه على أنه تطيب، ثم اغتسل بعده، فذهب الطيب قبل الإحرام قالوا: ويؤيد هذا قولها في الرواية الأخرى «طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إحرامه ثم طاف على نسائه، ثم أصبح محرمًا» فظاهره أنه إنما تطيب لماشرة نسائه ثم زال بالغسل بعده، لاسيما وقد نقل أنه كان يتطهر من كل واحدة قبل الأخرى، ولا يبقى مع ذلك طيب، ويكون قولها: ثم أصبح ينضح طيبًا: أي قبل غسله، وقد سبق في رواية لمسلم: أن ذلك الطيب كان ذريرة وهي مما يذهبه الغسل، قالوا: وقولها: كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وهو محرم المراد به: أثره لا جرمه قاله القاضي عياض.
وقال ابن العربي: ليس في شيء من طرق حديث عائشة: أن عين الطيب بقيت.
ومنها: أن ذلك التطيب خاص به صلى الله عليه وسلم.
ومنها: أن الدوام على الطيب بعد الإحرام كابتداء الطيب في الإحرام، بجامع الاستمتاع بريح الطيب في حال الإحرام، في كل منهما قالوا: ومما يؤيد أن ذلك التطيب خاص به صلى الله عليه وسلم: أنه لو كان مشروعًا لعامة الناس لما أنكره عمر، وعثمان، وابن عمر مع علمهم بالمناسك وجلالتهم في الصحابة. ولم ينكر عليهم أحد إلا ما أنكرت عائشة على ابن عمر ولما أنكره الزهري، وعطاء مع علمهما بالمناسك.
ومنها: أن حديث عائشة المذكور يقتضي إباحة الطيب، لمن أراد الإحرام، وحديث يعلي بن أمية: يقتضي منع ذلك، والمقرر في الأصول: أن الدال على المنع مقدم على الدال على الإباحة، لأن ترك مباح أهون من ارتكاب حرام.
ومنها: أن حديث يعلى من قول النَّبي صلى الله عليه وسلم بلفظه الصريح في الأمر بإزالة الطي، وإنقائه من البدن، وظاهره العموم لما قدمنا أن خطاب الواحد يعم حكمه الجميع لاستواء الجميع في التكليف، والعموم القولي لا يعارضه فعل النَّبي صلى الله عليه وسلم، لأنه مخصص له كما تقرر في الأصول، كما أوضحناه سابقًا، وإليه الإشارة بقول صاحب مراقي السعود:
في حقه القول بفعل خصا ** إن يك فيه القول ليس نصا

فهذا هو حاصل ما أجاب به القائلون: بمنع التطيب، عند أرادة الإحرام أو كراهته. وأجاب المخالفون بمنع ذلك كله قالوا: دعوى أن التطيب للنساء لا الإحرام، يرده صريح الحديث في قولها: طيبته لإحرامه، وادعاء أن اللام للتوقيت، خلاف الظاهر قالوا وادعاء أن الطيب زال بالغسل قبل الإحرام ترده الروايات الصريحة، عن عائشة: أنها كانت تنظر إلى وبيص الطيب، في مفرقه صلى الله عليه وسلم وهو محرم، لأن الوبيص في اللغة: البريق، واللمعان، وهو وصف وجودي، والوصف الوجودي: لا يوصف به المعدوم، وإنما يوصف به الموجود. فدل على أن الطيب الموصوف بالوبيص موجود بعينه، وهو يرد قول ابن العربي أنه لم يرد في شيء من طرق حديث عائشة أن عين الطيب بقيت.
ويؤيده ما رواه أبو داود في سننه: حدثنا الحسين بن الجنيد الدامغاني: ثنا أبو أسامة، قال: أخبرني عمر بن سويد الثقفي، قال: حدثتني عائشة بنت طلحة: أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، حدثتها قالت: «كنا نخرج مع النَّبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة. فنضمد جباهنا بالمسك المطيب، عند الإحرام، فإذا عرفت إحدانا سال على وجهها، فيراه النَّبي صلى الله عليه وسلم، فلا ينهانا». اهـ. منه والسك بضم السين، وتشديد الكاف: نوع من الطيب، يضاف إلى غيره من الطيب، ويستعمل.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار في حديث أبي داود هذا: سكت عنه أبو داود، والمنذري، وإسناده رواته ثقات إلا الحسين بن الجنيد شيخ أبي داود وقد قال النسائي، لا بأس به، وقال ابن حبان في الثقات: مستقيم الأمر فيما يروى. اهـ. وقال فيه ابن حجر في التقريب: لا بأس به، وقال فيه: في تهذيب التهذيب: قال النسائي: لا بأس به. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال من أهل سمغان: مستقيم الأمر فيما يروي.
قلت: وقال أحمد بن حمدان العابدي، ثنا الحسين بن الجنيد، وكان رجلًا صالحًا وقال: مسلمة بن القاسم ثقة اهـ منه.
وبما ذكرنا: تعلم أن حديث عائشة المذكور عند أبي داود أقل درجاته أنه حسن، وقال فيه النووي في شرح المهذب: هذا حديث حسن، رواه أبو داود بإسناد حسن. اهـ. منه، وهو حجة في جواز بقاء عين الطيب في المحرم بعد الإحرام، إن كان استعماله للطيب، قبل الإحرام.
قال في القاموس: والسك بالضم طيب، يتخذ من الرامك مدقوقًا منخولًا معجونًا بالماء، ويعرك شديدًا، ويمسح بدهن الخيري لئلا يلصق بالإناء، ويترك ليلة ثم يسحق المسك ويلقمه ويعرك شديدًا، ويقرص، ويترك يومين، ثم يثقب بمسلة وينظم في خيط قتب، ويترك سنة، وكلما عتق طابت رائحته اهـ منه. وقال أيضًا: والرامك كصاحب: شيء أسود يخلط بالمسك، ويفتح انتهى منه. ولا يخفى أن أزواج النَّبي صلى الله عليه وسلم، إنما كن يضمدن به جباههن في حال كونه معجونًا، قبل أن يقرص ويجف.